دائماً ما كانت تؤرقنى هذه الجملة فى فهمها ... انا اعلم ان الصفة هى كلمة تصف شخص ما اذا جاءت مثبتة او تنفى عن الشخص صفة اذا جاءت منفية ... وكذا اعلم ان صفات المبالغة عندما تكون منفية فهى تنفى كثرة حدوث الصفة ولكنها لا تنفى الصفة نفسها فمثلاً نقول هذا الولد يضرب فهو ضارب اما لو كان الولد يضرب كثيراً فهو ضريَب ولو قلنا انه غير ضريَب فمعناها انه لايضرب كثيراً ولكنه يضرب احياناً وكذا الفرق بين المحب والحبَيب ... الى آخره
فهل يكون بالتبعية معنى الآية "وما ربك بظلاَم للعبيد" انه - سبحانه - لا يظلمهم كثيراً ولكنه يظلمهم احياناً ... كان هذا هو التفسير المنطقى من وجهة النظر البشرية المحدودة الى ان استمعت الى تفسير المرحوم الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله فى ذلك وقررت ان اسجلها عسى ان يستفيد بها من يقرأها والتفسير كما قال الشيخ كالتالى
لنتفق اولاً ان الله - سبحانه - هو الوحيد ذو الصفات المطلقة وليس النسبية كما فى البشر فإن كان احد من البشر قوى فهذه القوة نسبية الى غيره من البشر اى انه قوى بالنسبة لبعض البشر بينما قد يكون ضعيفاً بالنسبة للبعض الآخر بينام عندما نذكر ان الله هو القوى فهو - سبحانه - مطلق القوة وليس نسبيَاً
ولنتفق ثانياً - وهنا كان المفتاح بالنسبة لى - ان الصف المبالغة تعنى إما حدوث الحدث نفسه بشكل مبالغ فيه او حدوث الحدث العادى بتكرار مبالغ فيه ومثل ذلك اذا قلنا ان الرجل أكول تعنى انه يأكل كمية مبالغ فيها او انه يأكل كما العادى ولكنه يكرر الأكل بعدد مرات مبالغ فيها وهنا الحل
لأن الله تعالى هو الحاكم بين جميع البشر منذ بدء الخليقة الى نهايتها فهذا يعنى بالتبعية انه ان كان ظالماً - تعالى الله وتنزه عن الظلم - فهو بالتأكيد ظلاَماً لأن حدث الظلم سيتكرر عدة مرات مبالغ فيها ولذلك عندما نفى الله الظلم عن نفسه - جل وعلى - فقد استخدم الصيغة المبالغة وليس العادية وبما اننا نتفق على ان الله له المطلق فى الصفات فعندما ينفى صفة عن نفسه سبحانه فهو ينفى ايضاً مطلق الصفة وبذلك فإن قوله - سبحانه - فى القرآن "وما ربك بظلاَم للعبيد" ينفى وجود اى شبهة من الظلم فى حكمه سبحانه والله أعلم